الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية

صفة إستشارية لدى الأمم المتحدة
إطلاق تجريبي
2023-01-23


التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم السلام والعيش المشترك

تدريس وثيقة الأخوة الإنسانية في المناهج الدراسية ضمانة لتحقيق التسامح

المنصات الاجتماعية لها دور فى نشر ثقافة الحوار والتسامح وقبول الآخر

للهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية جهود كثيرة في مد الجسور والتقارب بين الشعوب ودعم الشباب في أوروبا

 


أجري الحوار - الشيخ مهاجري زيان

أكدت الدكتورة ميادة ثروت، صاحبة أول رسالة دكتوراه عن وثيقة الأخوة الإنسانية في حوار مع مجلة "لتعارفوا" أن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بالتسامح والأخلاق والقيم النبيلة، وهذا ما نصت عليه وثيقة الأخوة الإنسانية، الأمر الذي يؤكد أن تطبيق معاني هذه الوثيقة ضمانة لنشر التسامح والعيش المشترك .

وأشارت الدكتورة ميادة إلي ضرورة تدريس وثيقة الأخوة الإنسانية في المناهج الدراسية، بهدف نشر القيم التى تدعم السلام العالمي، مؤكدة أن  المنصات الاجتماعية لها دور فى نشر ثقافة الحوار والتسامح وقبول الآخر، كما أشادت بجهود الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية في مد الجسور والتقارب بين الشعوب ودعم الشباب في أوروبا .. وإلى نص الحوار .


في البداية نود أن يطلع القارئ علي نبذة مختصرة عنكم؟

الدكتورة ميادة ثروت محمد، حاصلة على دكتوراه الفلسفة في الدراسات الآسيوية قسم دراسات وبحوث الديانات جامعة الزقازيق بجمهورية مصر العربية، تلقيت العلم في الأزهر الشريف إلى أن حصلت على درجة الليسانس في الدراسات الإسلامية والعربية، وأكملت دراستي في علم مقارنة الأديان .

كيف جاءت فكرة إعداد رسالة الدكتوراه عن وثيقة الأخوة الإنسانية ؟

أكرمني الله عز وجل بالاطلاع على مركزية الإنسان في الأديان، ووضعه في الأكوان، كما تعرفت على مقاصد الشرائع في حرصها على الاهتمام بما يعينه على تحقيق خلافة ربه في الأرض، وقد توازى ذلك عندي مع دراستي الأكاديمية وأنشطتي العلمية، شاركت في عدد كبير من المؤتمرات الدولية داخل مصر وخارجها (ألمانيا – الإمارات العربية المتحدة – الهند – سويسرا)، ومن خلال التعمق في دراسة الأديان تعرفت على الجانب الجوهري فيها والذي يهتم بالإنسان كونه خليفة الله في أرضه، وإنسانيته التي تعد من أسباب تكريمه وتفضيله على سائر المخلوقات، إلى أن صدرت وثيقة الأخوة الإنسانية فعقدت العزم على اتخاذها موضوعا رسالتي للدكتوراه.

ما هي أهم نصوص الوثيقة التي يجب أن نرسخها لدى أبناء الجالية المسلمة في أوروبا ؟

اهتمت وثيقة الأخوة الإنسانية بجميع القضايا التي تنهض بالإنسان المعاصر، وفيما يخص أبناء الجالية المسلمة في أوروبا يمكن ترسيخ هذه المباديء التي وردت في وثيقة الأخوة الإنسانية :
- القناعة الراسخة بأن التعاليم الصحيحة للأديان تدعو إلى التمسك بقيم السلام وإعلاء قيم التعارف المتبادل والأخوة الإنسانية والعيش المشترك .

- أن الحريةَ حق لكل إنسان: اعتقادا وفكرا وتعبيرا وممارسة، وأن التعددِية والاختلاف في الدين واللون والجنس والعرق واللغة حكمة لمشيئة إلهية.

- أن الحوار والتفاهم ونشر ثقافة التسامح وقبول الآخرِ والتعايش بين الناس، من شأنه أن يسهم في احتواء كثير من المشكلات التي تحاصر جزءا كبيرا من البشر.

- أن الحوار بين المؤمنين يعني التلاقي في المساحة الهائلة للقيم الروحية والإنسانية والاجتماعية المشتركة، واستثمار ذلك في نشر الأخلاق والفضائل العليا التي تدعو إليها الأديان، وتجنب الجدل العقِيم.

الاحتفال الدولي بتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية كيف يمكن أن يكون منطلقا لتدريسها في المناهج الدراسية ؟

كان من ضمن توصياتي في رسالتي للدكتوراه المطالبة بوضع وثيقة الأخوة الإنسانية في البرامج الدراسية للمراحل التعليمية المختلفة، والجدير بالذكر أن من ثمار تلك الدراسة قيام رئيس تيمور الشرقية في مايو 2022 باعتبار وثيقة الأخوة الإنسانية وثيقة وطنية لبلاده وتبني مبادئها ضمن مناهج التعليم، وهذا بعض ما أوصت به الدراسة .

ماذا عن دور قادة الأديان وعلماء الدين الإسلامي ورجال الدين المسيحي في غرس مفاهيم الأخوة الإنسانية ؟

لقادة الأديان دور كبير في غرس مفاهيم الأخوة الإنسانية من خلال ما يلي:

رصد القواسم المشتركة من خلال التعرف على القيم العليا الداعية إلى التسامح، التعرف على النواحي الإيجابية في العلاقات الإنسانية، تسليط الضوء على التحديات التي تواجه الإنسان المعاصر وكيفية مواجهتها والتغلب عليها، السعي نحو تفعيل مبدأ الأخوة الإنسانية الذي هو أساس العلاقات بين البشر جميعا، ضرورة التركيز على المشترك الإنساني بين أتباع الديانات السماوية، وضع ميثاق ديني عالمي ينبثق من أهداف ومبادئ وثيقة الأخوة الإنسانية.

وكيف تري جهود الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب وبابا الفاتيكان فرانسيس الثاني في البناء على المشتركات الإنسانية ؟

جاءت وثيقة الأخوة الإنسانية لتقدم للبشرية طوق النجاة لإنقاذ العالم بأسره مما يعانيه من مظالم وحروب واضطهادات واستهداف دور العبادة والأماكن المقدسة، فجاءت رسالة مدوية تنادي بالأخوة الإنسانية ونبذ كل أشكال الصراعات والخصومات وذلك من أكبر مؤسستين دينيتين في العالم هما الأزهر الشريف وحاضرة الفاتيكان موجهة إلى صنَّاع السياسات الدولية والعلماء وقادة الأديان ورجال الفكر والرأي، للعمل معا جديا على نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام، وبث روح المواطنة بين أفراد الإنسانية، وتوعية الشباب الصاعد من الانحدار الأخلاقي والجهل بالدين، والخروج من التشدد والتعصب الديني الذى يشهده العالم في وقتنا المعاصر.

وكيف نصل بهذه المفاهيم إلي فئات كثيرة من الناس ؟
هناك آليات كثيرة يمكننا من خلالها الوصول إلى فئات من الناس عن طريق الندوات، ويجب أن نحرص على تنشئة الطفل تنشئة صحيحة ويتم هذا عن طريق الأسرة والمدرسة من خلال عمل هذه الندوات مع الآباء والمعلمين، ضرورة احتواء الشباب وغرس التعاليم الدينية لديهم لأن الجهل الديني لدى الشباب؛ نتيجة لقلة البرامج والمقررات الدينية المشتملة على ثقافة الوسطية والاعتدال.


هل الإعلام الديني قام بدوره في مواجهة الدعوات الهدامة وما يسمى صدام الحضارات ؟

للخطاب الإعلامي تأثير كبير على الشعوب؛ إضافة إلى السوشيال ميديا وقد يكون دورها أوسع من نوافذ الإعلام التقليدية، وشبكة الإنترنت لها دور كبير وواسع فى تحقيق المسؤولية الاجتماعية إذا ما أحسن استثمارها، وهذه المنصات الاجتماعية لها دور مؤثر وفعال فى نشر ثقافة الحوار والعيش المشترك والتسامح وقبول الآخر، والدعوة إلى حب الوطن والحث على القيم الأخلاقية، ونشر ثقافة التسامح ونبذ العنف وتحقيق السلام المجتمعي.
وماذا عن دور النخب والرأي العام الدولي في دعم جهود شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان لترسيخ قيم التعايش السلمي وقبول الآخر المخالف؟

يمكنني القول بأن أكبر دور كان بحضور قادة الأديان والرموز الدينية، وحكماء السياسة والفكر والأدب على أرض أبوظبي فى الرابع من فبراير 2019،  ليشهدوا مع العالم كله توقيع الإمام والبابا "وثيقة الأخوة الإنسانية"، لتلملم شتات الفرقة ولتكون رمزا للعناق بين الشرق والغرب، وتخليدا لهذا الحدث العظيم وفى اليوم ذاته تم الإعلان عن جائزة زايد للأخوة الإنسانية لتكريم أصحاب الإسهامات الكبرى فى مجال الإخاء الإنساني تعزيزا للقيم والمُثل العليا للأخوة بين الناس.

وكيف تري جهود الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية – ذات الصفة الاستشارية بالأمم المتحدة في هذا المجال ؟

للهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية جهود كثيرة في مد الجسور والتقارب بين الشعوب ودعم الشباب في أوروبا وكيفية المحافظة على هويتهم الإسلامية وهو ما يقوم به فضيلة الشيخ مهاجري زيان رئيس الهيئة لأنه يتجه نحو الحوار الحضاري، ويجعل التعاون المشترك سبيلا، والتعارف المتبادل نهجا وطريقا، ويعمل جدّيا على نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام والتعريف بالقيم الأخلاقية والإنسانية في الإسلام داخل أوروبا وهذا ما نحتاجه الآن، لأن ما يعيشه العالم المعاصر من حروب وصراعات يحتاج لجهود مكثفة وهذا ما لمسناه في الهيئة بارك الله في جهود جميع القائمين عليها وعلى رأسهم رئيسها الشيخ مهاجري زيان .