الصحفي السويسري أوليفر كولر في حوار مع مجلة " لتعارفوا"

حرية الصحافة ضمانة لفهم ومعرفة التحديات التي تواجه البلاد

أشيد بشجاعة الزملاء الذين يتعرضون لمخاطر في سبيل إعلام الجمهور بطريقة موضوعية

مهمة الصحافة التوعية والإعلام بالقضايا والمشاركة في تطوير المجتمعات 

أكد الصحفي السويسري أوليفر كولر، أن دور الصحافة هو الإعلام لكن يمكنها أيضا المشاركة في تطوير البلاد عبر الحديث عن الاختلالات التي تظهر، والمطالبة بمعالجة هذه الاختلالات والتوعية بمخاطرها، مؤكدا علي أهمية وضرورة حرية الصحافة بهدف أن تؤدي دورها علي الوجه الأكمل .

وفي حواره مع مجلة " لتعارفوا" أشار للتحديات التي تواجه مهنة الصحافة، في ظل وجود وسائل التواصل الحديثة، مؤكدا أنه إذا مورست هذه المهنة بحزم وجدية واحترافية، يمكنها أن تساعد على جعل العالم الحالي أفضل، وأن تمكن الآخرين من فهم أفضل للتحديات الكثيرة التي تواجه الإنسانية.. وإلي نص الحوار.

أجري الحوار – الشيخ مهاجري زيان 

في البداية، هل لكم أن تعطونا نبذة عن شخصكم ؟

 اسمي أوليفر كولر، صحفي في القسم الدولي لدى التلفزيون السويسري الروماندي منذ سنة 1998، قمت بتغطية  الكثير من النزاعات ومناطق الأزمات منها أوكرانيا، العراق، سوريا، الكونغو الديمقراطية، ومالي، ولكن كنت مراسلا برلمانيا لدى القصر الفدرالي في بيرن، كما تابعت دراساتي في التخصص ذاته خصوصا في الصحافة المكتوبة ( اليومي الجديد والوقت الذي تعتبر جريدة ذات معيار أوروبي) الصادرة في جنيف، مع تغطية الأحداث في ما كان يسمى بيوغوسلافيا سابقا، كانت تلك بمثابة مرحلة حاسمة في حياتي كصحفي مبتدأ.

تعتبر سويسرا بلدا لديه باعا طويلا مع قضية الحريات، هل يمكننا القول أنه مناخ ملائم للعمل الصحفي؟

نعم وبالطبع إنه المناخ الأمثل أن يترسخ مبدأ حرية التعبير كحرية أساسية قائمة على العنصر الأساسي للحياة الديمقراطية، حتى يتسنى لنا إخطار الجمهور بأكبر التحديات السياسية للبلاد إضافة إلى الإطلالة على العالم ككل: الأخبار الدولية، الاقتصاد، الرياضة) وهي محبوبة كثيرا لدى شعب سويسرا، الثقافة وأحداث المجتمع، تحتل سويسرا المرتبة 14 عالميا من حيث حرية الصحافة، في الحقيقة يعتبر الجو العام حسنا بالرغم من أن الصحفيين يعانون أيضا من الضغوطات، وهم كثيرا ما يكونون عرضة لإجراءات قضائية أو تهديدات بالقتل وخير دليل هو فترة الأزمة الصحية كوفيد 19.

تعتبر الصحافة القوة الرابعة في البلاد أو بما يعرف مهنيوها بحاملي الكلمة، هل أنتم متفقون معنا ؟

بالتأكيد هو في الحقيقة تعريفا لا يخص سويسرا فقط، ولكن حقيقة موروثة من البلدان الأنجلوساكسونية (أمريكا و بريطانيا العظمى) حيث تعتبر الصحافة كأداة لا يستغنى عنها فيما يخص السير الحسن للجهاز الديمقراطي، مع إمكانية التأثير على الرأي العام بالإضافة إلى ممارسة الاتجاه المعاكس ضد الأركان الثلاثة التي تمثل الدولة: السلطة التنفيذية، البرلمان والسلطة القضائية، دور الصحافة هو الإعلام لكن يمكنها أيضا المشاركة في تطوير البلد عبر الحديث عن الاختلالات التي تظهر في النظام.

تحتفل الصحافة بيومها العالمي في ظروف استثنائية التي تحيط بالعالم حاليا، سيدي ..ما يمكنكم القول تجاه الجهد الصحفي العالمي؟ هل لكم فكرة عن معاناة الصحفيين في الكثير من الأماكن حول العالم؟ 

لدي الدراية الكافية بحكم أنني قمت بتحرير أكثر من 60 تقريرا صحفيا عبر الكثير من دول العالم، وخلال عشرون سنة وفي الفترة الممتدة من 2003 إلى 2022، هلك ما يقارب 1668 صحفيا حسب تقارير مراسلون بلا حدود، تعتبر الحروب في سوريا و العراق على رأس القائمة التي تضم المناطق الأكثر خطورة في العالم، لقد تنقلت شخصيا إلى تلك المنطقتين حيث من السهل أن يصادفك الموت، تم اختطاف صحفيين و آخرون تم قتلهم في منازلهم في كل من أمريكا اللاتينية، إفريقيا والكثير من البلدان الأوروبية، هؤلاء الصحفيين ذنبهم الوحيد أنهم كانوا يحققون حول قضايا حساسة كالرشوة ، تجارة المخدرات و القضايا السياسية.

يعتبر اليوم العالمي للصحافة كمناسبة للاحتفال لكن هناك ظروف عمل يمكنها تعكير الجو. هل هو قدر محتوم ؟ 

اليوم العالمي للصحافة يصادف الثالث مايو من كل سنة، قد تم تأسيسه منذ أكثر من ثلاثين سنة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة، للتأكيد على المبادئ الأساسية لحرية التعبير لدى الإعلام الحر والمختلف والذي يحمل في طياته اختلاف الرؤى وتيارات الفكر في المجتمع الواحد، هو عبارة عن مبدأ أساسي مسجل لدى  الفقرة رقم 19 من البيان العالمي لحقوق الإنسان، رمزيا يعتبر هذا اليوم مهما للتذكير بأهمية المبادئ بالإضافة إلى الأخطار و المتاعب في ممارسة هذه المهنة.

ما مكانة نقابات الصحفيين وما دورها تجاه التصرفات التعسفية والضغوطات المختلفة؟

تحرص نقابات الصحفيين على احترام الحريات بالإضافة إلى ظروف العمل التي ما فتئت تتدهور بالخصوص خلال العشرية الأخيرة، وما صاحبها من ظروف عمل سيئة و أجر زهيد.

تحرص النقابات على احترام أخلاقيات المهنة والمبادئ الأساسية للعمل الصحفي منها الحرص على نشر معلومات موثوقة، الحفاظ على سر المصادر، احترام الحقوق والسياق القضائي، أخلاقيات الصحافة هي أصلا مفهوما أساسيا.

متنوعة هي ظروف العمل الصحفي: حروب، ظلم، اعتداءات و في بعض الحالات تصفيات جسدية، إلى متى استفاقة الصحافة؟ أليست مناسبة لتوحيد صفوف الصحفيين ؟ 

سؤالكم أساسي و مهم جدا، مع ظهور أدوات التواصل الاجتماعي و ضعف عناصرنا الديمقراطية، ضعفت مهنة الصحافة، ظهرت أيضا أدوات جديدة للتواصل هذا ما أثر على المهنة باعتبار الكثير من الناس يعتبرون أنفسهم صحفيين و هذا ما أنعش الحوارات و المصادر الإعلامية لكن في نفس الوقت ظهرت تجاوزات أخرى منها ( الأخبار الكاذبة و المعلومات المظللة) بالإضافة إلى هجومات غالبا ما تكون شرسة ( اعتداءات جسدية، مكتوبة و شفهية)، بودي أن أنوه بالشجاعة الفائقة لدى بعض الزملاء الذين يمارسون المهنة على حساب تعريض حياتهم للخطر وذلك بهدف  إعلام الجمهور بطريقة موضوعية.

بغض النظر عن استعماله للغات عديدة إلا أن الصحفي يهدف إلى حقيقة واحدة في هذا السياق، يمكن للقيمة الحقيقية للصحافة و إشعاعها أن يبرزان، متى يكون هناك وعي عالمي خاص بسيادة العمل الصحفي؟ هل هنالك حقيقة وحيدة أم أنها تتكون من وجهات نظر عديدة ؟

هو بمثابة حوار فلسفي بحت شأنه شأن عالمية الصحافة، لكل بلد تاريخه الخاص، ثقافته و معتقداته التي تؤثر بطريقة أساسية على كيفية مزاولة المهنة ولكن مع وجود العولمة وعديد الطرق للإعلام والطرح: كمثال حي نلاحظ توحيد النشرات الإخبارية.

نشكركم جزيل الشكر على تفاعلكم مع كل الأسئلة المطروحة. لكم سيدي كلمة الختام.

أنا واع كل الوعي بالفرصة الجميلة التي أتيحت لي لمزاولة هذه المهنة، والتي هي بالنسبة لي شبيهة بالشغف، كانت لي فرصة لزيارة العالم مع اختلاف مكوناته وكثرتها، هنالك لقاءات مع أشخاص في غاية اللباقة، اكتشاف الكثير من الثقافات ووجهات نظر عديدة حول العالم، هي في الحقيقة مهنة شاقة حيث أنه في الكثير من الأحيان كنت قريبا من الموت، عايشت الكثير من الحروب و رأيت الأسى على ملامح الناس، أنا على يقين بأنه إذا مورست هذه المهنة بحزم و جدية واحترافية، يمكنها أن تساعد على جعل العالم الحالي أفضل و أن تمكن الآخرين من فهم أفضل للتحديات الكثيرة التي تواجه الإنسانية.