الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية

صفة إستشارية لدى الأمم المتحدة
إطلاق تجريبي
2023-01-23

بقلم الدكتور الشيخ- فهمي أحمد عبد الرَّحمن القزّاز

النائب الإداري لشيخ الحديث في العراق
أستاذ الحديث وعلومه في كلية الإمام الأعظم


في الوقت الذي تعيش فيه الأمم والشعوب والمذاهب والقوميات اختلافا وتناحرا مستمرا، وتعيش فتنا كقطع الليل المظلم، يُتهم ديننا الحنيف بأباطيل لا أساس لها من الصحة في عدم قدرته على احتواء واحترام من خالفه في الدين أو المذهب أو المعتقد.

       هذه التهمة التي انبرى لها منذ زمن بعيد- في عصر التمكن عصر السنة الذهبي- أعلامنا العظام ومشايخنا الكرام ومنهم فريد دهره ونسيج عصره الإمام المفضال محمد بن اسماعيل البخاري - رحمه الله - في كتابه الرائع "الجامع الصحيح"، الذي يعد أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى، من احتوى بين طياته على السنة النبوية الشريفة التي بينت أفصحه بأوضح أسلوب، وأجمل بيان، بالقول تارة، وبالفعل تارة أخرى، صدرها البخاري بتراجم لطيفة تدل على فقهه، وطول باعه، وسعة ذهنه التي عدت بحق مثابة لطلبة العلم وأهله، فمنهم من تعرض لها بنظرة فقهيه، وأخرى حديثية، وثالثة لغوية، وغيرها من النفحات الربانية مما فتحه الله على أصحابها .

         ومن هذه الإشراقات بيانه - رحمه الله - من خلال تراجمه لفقه التعامل مع غير المسلمين، هذا الفقه مكّن المجتمع المسلم من احتواء الآخر وإن كان مخالفا له في دينه وعقيدته ومنهجه في مجالات الحياة كافة، وقد وجدت ذلك في أربعة وعشرين بابا من أبوابه ضمتها ستة عشر كتابا، وفي هذا الإلماح دحض وتفنيد لتلك المزاعم والادعاءات الكاذبة، التي أرادت النيل من هذا الدين العظيم، فجاء هذا البحث ليسلط الضوء على هذه المعالم، وليضيف لمسة جديدة لهذا الكتاب الرائع، فلقد تنوعت تراجم البخاري في الميادين الآتية:

- جواز الصَّلَاةِ في الْبِيعَةِ ودُخُولِ الْمُشْرِكِ الْمَسْجِدَ.

- جواز الاستسقاء للمشركين إذا اسْتَشْفَعَوا بِالْمُسْلِمِينَ عِنْدَ الْقَحْطِ.

- جواز القيام لِجَنَازَةِ المشركين. 

- جواز الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ مع الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْحَرْبِ وشِرَاءِ الْمَمْلُوكِ من الْحَرْبِيِّ وَهِبَتِهِ وَعِتْقِهِ.

- جواز الْمُزَارَعَةِ والرهن مع الْيَهُودِ وغيرهم.

- جواز عِتْقِ الْمُشْرِكِ وقَبُولِ ْهَدِيَّته والصُّلْحِ معه.

- جواز الدُّعَاءِ لِلْمُشْرِكِينَ بِالْهُدَى لِيَتَأَلَّفَهُمْ، وفِدَاءِ الْمُشْرِكِينَ.

- جواز الْجِزْيَةِ وَالْمُوَادَعَةِ مع أَهْلِ الذمة والحرب، وإِثْمِ من قَتَلَ مُعَاهَدًا بِغَيْرِ جُرْمٍ.

- جواز الْمُوَادَعَةِ وَالْمُصَالَحَةِ مع الْمُشْرِكِينَ بِالْمَالِ وَغَيْرِهِ وَإِثْمِ من لم يَفِ بِالْعَهْدِ، وإِثْمِ من عَاهَدَ ثُمَّ غَدَرَ.

- جواز الكتابة للملوك والرؤساء لدعوتهم لدخول الإسلام.

- جواز أكل ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَشُحُومِهَا من أَهْلِ الْحَرْبِ وَغَيْرِهِمْ، وعِيَادَةِ الْمُشْرِكِ، وصلته.

وهو بحث نشرته قديما سنة 2013م، وقد ترجم إلى عدة لغات نسأل الله القبول والسداد والإخلاص.