الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية

صفة إستشارية لدى الأمم المتحدة
إطلاق تجريبي
2023-01-23

بقلم البروفيسور - الجيلالي شقرون

 

يرتبط العالم بعلاقات سياسية ودبلوماسية ومصالح اقتصادية وإستراتيجية، ولكل دولة سفارة وقنصليات وفقا للقوانين والأعراف الدولية، وعندما تختلف الدول في المسارات السياسية والمصالح الاقتصادية، يؤدي ذلك إلى توتر العلاقات السياسية، الأمر الذي يتسبب في أزمات سياسية يستحيل حلها بالطرق السلمية حينها تلجأ الدول إلى استعمال قوة السلاح وهذا ما حدث عبر التاريخ البشري، حيث اندلعت الحروب بين الدول في الكثير من القارات كالحروب التي اشتعلن نيرانها بين الإمبراطوريات القديمة والحديثة وبين الدول، والحرب العالميتين الأولى والثانية التي تفجرت في أوروبا وانتشرت شرارتها إلى قارة أفريقيا، وكانت وبلا على الشعوب قاطبة وقضت على الأخضر واليابس, بالرغم من أنها سنة من سنن الله تعالى في كونه "وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ" الآية (251) سورة البقرة .

وقد تعددت صور الحرب وأشكالها وتنوعت بين ثورات داخلية تهدد وحدة الدولة واستقرارها وأمنها الداخلي، أو حرب دولتين، زمن خصائصها أن يكون نزاعا مسلحا بين دولتين (أطراف النزاع) وتستخدم فيها قوات مسلحة أسلحة متطورة وفتاكة بهدف تحقيق هدف معين، وكانت الحروب والنزاعات  على مدى التاريخ  وبالاً وكارثة على الإنسان، وللحروب عواقب وخيمة وخطيرة منها الملموس والمرئي كالقتلى والجرحى والمعوقين والمشردين والأرامل والدمار العمراني والبيئي والاقتصادي. 

 

وتعتبر الحروب من أهم العوامل في تدمير الأسر وتفكيكها، مما يؤدي إلى  خلل في النسيج الاجتماعي للمجتمعات، وإلى آثار مادية ونفسية تنعكس سلبا على الأفراد يتجلى ذلك في القلق النفسي الذي يصاب به الأفراد، والذي يؤدي إلى البحث عن وسيلة للتخلص من تبعات الحياة كالانتحار الفردي أو الجماعي، والخوف من المستقبل القاتم. 

 وينتج عن الحروب أيضا انخفاض كبير في رأس المال، بسبب الهجرة والنزوح نحو دول أخرى بحثا عن الأمن، فهناك دراسات تشير إلى ارتباط الحروب بظواهر خطيرة أخرى مثل انتشار الفقر، وسوء التغذية، والإعاقات المختلفة، وقد عانت الكثير من الدول التي اندلعت فيها الحروب سواء كانت أهلية أم دولية مثلما حدث ويحدث في القارة الأفريقية نتيجة الصراعات القبلية الدموية بين أفراد المجتمع الواحد، أو ما يتسبب فيه الأعمال الإرهابية التي أصبحت تقض مضاجع المجتمع الدولي، وتواجه المرأة في المجتمعات التي مزقتها الحروب أشكالا خاصة ومدمرة الناتجة عن العنف الجنسي، والتي تنتشر في بعض الأحيان بشكل ممنهج لتحقيق الأهداف العسكرية أو السياسية. 

 وتؤدي الحروب في كثير من الظروف إلى حدوث تضخّم اقتصادي، وهو الأمر الذي يجعل النظام المالي يفقد قيمته الاقتصادية، وتشهد الدول خلال الحروب ارتفاعا سريعا للدين العام في القطاع الحكومي، وذلك لأن الدولة تكون على استعداد للاقتراض بصورة تفوق المعتاد من أجل دعم نظامها وتعزيزه أثناء الحرب،

وعلى مر العقود، ساعدت الأمم المتحدة في إنهاء العديد من الصراعات، في كثير من الأحيان من خلال الإجراءات التي يتخذها مجلس الأمن  بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وهي الحفاظ على صون السلم والأمن الدوليين. وعندما يتم تقديم إليه شكوى تتعلق بخطر يتهدد السلام، يقوم المجلس عادة بتقديم توصيات إلى الأطراف في محاولة للتوصل إلى اتفاق بالوسائل السلمية، وفي بعض الحالات، يضطلع المجلس نفسه بالتحقيق والوساطة، وقد يعين ممثلين خاصين أو يطلب إلى الأمين العام أن يفعل ذلك أو يبذل مساعيه الحميدة، ويجوز له أن يضع المبادئ لحل الخلافات عن طريق التسوية السلمية، وتعمل الجمعية العامة وغيرها من الهيئات التابعة للأمم المتحدة، بدعم من مكتب شؤون نزع السلاح، على تثبيت السلم والأمن الدوليين عن طريق جهود نزع السلاح ووضع حد لانتشار الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية وأسلحة الدمار الشامل، فضلا عن الأسلحة التقليدية .

والحروب لم تنطفئ نيرانها إلى حد كتابة هذا المقال كالحرب المعلنة في الأراضي الفلسطينية من قبل الصهاينة الذين يشنون حربا شعواء ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وفي الكثير من بلدان العالم خاصة المتخلف منه، وهل ستنتهي هذه الحروب ويعم السلام؟ فهذا ما لم يتمكن المجتمع الدولي من تحقيقه... ويبقى بريق الأمل مع المناهضين من أجل السلام من مختلف الديانات والجنسيات، "وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ" الآية (21) سورة يوسف .