الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية

صفة إستشارية لدى الأمم المتحدة
إطلاق تجريبي
2020-08-26

“لتعارفوا”.. وكورونا نموذجا

الدكتور ياسر حسين حسن

بسم الله الرّحمن الرّحيم

بادئ ذي بدء نبارك للهيئة الأوربية للمراكز الإسلامية إطلاق هذه المجلة، بهذا العنوان المبارك، الّذي على جلالة قدره وعظم وظيفته وحاجة العالم كلّه إليه لا يزال ضعيفًا في الأمّة.

وإنّ حاجتنا إليه لنبلغ مبلغاً قد لا تطيقه كثير من القلوب والنّفوس الغيورة على مقدساتها ذاتها!

ففي تداعي العالم الإسلامي كله للذّود عن حمى خاتم الأنبياء والمرسلين سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم أن أساء دانماركيون إلى جنابه صلّى الله عليه وسلّم… في ذلك التّداعي درس بليغ لنا من جهتين:

الأولى: دلالة الحدث على تقصيرنا فيما مضى بالتّعارف.

الثانية: حماستنا الّتي جعلتنا نجهل أنّ هنالك من يريد أن يجرّنا إلى الصّراع! فلقد انتبه بعض المستبصرين إلى خطورة الأمر وهندسته الخفية! وذلك بإثارة مَن لا يريد الخير للبشرية، لأمور ستُحدِث حتمًا بؤرًا ملتهبة تؤجّج العواطف والحماسات على حساب الوعي بالمآلات! فيستمر جهل كلّ منّا بالآخر!

وعندما ننتبه إلى ذلك، ونخاطب القوم مع ذلك خطاب “لتعارفوا”، وأنّنا برغم الألم العميق في أرواحنا تجاه هذه الإساءات البليغة حريصون على التّواصل قبل التّحارب، تنفيذًا للأمر الربّاني الجميل نفسه: “لتعارفوا”… فلا شكّ أنّ الأثر سيكون خارقًا بقدر خارقية هذا الفهم وهذا الخُلق النّادر وأثره في النّفوس!

“هنالك من يريد أن يجرّنا إلى الصّراع”، ليبقى مسيطرًا علينا كلينا… فلنكافحه بخطاب “لتعارفوا”!

هناك من لا يريد أن يتعرّف أصلًا، فلنتودّد إليه بأنّ تعارفنا ليس لمصلحة دنيوية ابتداء، بل هو ما يأمرنا به ديننا في إطار أفق إنساني واسع!

هناك مَن يجهل أن “أعدى أعدائك نفسك الّتي بين جنبيك”! فإذا ما قدّمنا له هذه المفاهيم الرّاقية فربّما يسارع هو بنفسه للتّعارف!

إنّ التّعارف هو الخطوة الأولى لخطوات متتالية تحتاجها البشرية كلّها في عصر صارت تتجلّى فيه عناصر “التفكير المنظومي” بأجلى صورها! وربّما تلخّص صورة أو حديث السفينة بعضًا من سمات هذا التّفكير…

فالعالم اليوم أصبح فعلًا كقرية صغيرة، لا من الباب المشهور في سهولة التّواصل وحسب، بل من باب أخطر بكثير، وما كورونا إلّا شاهد أو نموذج واحد على ذلك!

.. فلتكن كورونا وما نستشرفه من أمثال كورونا في المستقبل دافعًا قويًا لتعارف إنساني أكبر، وليكن نداء “لتعارفوا” وسيلة لتجنّب جميع أشكال الخطر والخلل والكوارث على وجه الأرض.