الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية

صفة إستشارية لدى الأمم المتحدة
إطلاق تجريبي
2021-01-02

شارك رئيس الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية‎، مهاجري زيان، بمداخلة حول فيروس كورونا ، في الندوة الافتراضية التي نظمتها “العائلة للندوات” تحت عنوان ” محنة انتشار الوباء (كورونا) دروس وعبر ووقفات”، جاء فيها:

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم،وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه. أما بعد:حديث الساعة،انتشار الوباء:(كوفيد-19)، حد أنواع فيروس كورونا،كفنا اللهو شرَّا لأوبئة والمصائب، ما هي الدروس والعبر والوقفات التي ينبغي للمسلم أن يستخلصها من هذا البلاء العظيم:

  1. مراجعة عقيدتنا في الله على المسلم أن يتيقن أن الله هو الخالق،خلق الخير والشر،قال تعالى:﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾.وأنَّه تعالى وحدَه هو النافع والضار،وأن ما أصاب البشرية لحكمة بالغة علمها وأدركهاالبعض،وغابت عن الآخرين،وأن الله يبتلي عبادَه ويمتحنُهم بالشرِّ ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾،وهو يريد منا أن نرجع إليه سبحانه وتعالى،قال تعالى:﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَـٰكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
  • على المسلم أن يكون على يقين أنه لا يَكْشِفُ الضُّرَّ إلا الله سبحانه،قال تعالى:﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ﴾. وقال تعالى:﴿أَمَّنْ يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ﴾.وقال تعالى:﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾.فالبحث عن مخرج وعن حل بعيد عن طريق الله ضلال.
  • ليعلم المسلم أن الإنسان ضعيفٌ،ولا يغتر بما وصل إليه البشر من تقدم واكتشاف واختراع وتكنولوجيا …لا ينبغي أن ننسى الحقيقةَ التي قررها القرآن قال تعالى:﴿وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا﴾.فنحن في حاجة إلى الله قال تعالى:﴿يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾.
  • الدرس الرابع:أن يعلم المسلم أن من أسباب المصائب:انتشار المعاصي،قال تعالى:﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾.الحمد لله أنه يعفوا عن كثير،تصور لو أن الله يؤاخذنا بكل ما نقترف من ذنوب و معاصي ،كيف تكون النتيجة،قال تعالى:﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ وَلَـٰكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى﴾.وفي سورة فاطر:﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللهُ النَّاسَ بما كَسَبُوا مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَابَّةٍ﴾.وفي الحديث الصحيح يكشف فيه نبينا صلى الله عليه وسلم على أن من أسباب انتشار الأمراض الجديدة فشو المعاصي:«لم تظهرْ الفاحشةُ في قومٍ قَطُّ حتى يُعلنوا بها إلا فَشَا فيهمُ الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تَكُنْ في أَسْلافِهمُ الذين مَضَوْا».[رواه ابن ماجه].
  • العبرة الخامسة:المسلم مطالب أن يبحث عن أسباب النجاة من المصائب والبلاء،ويعمل بها،من أهمِّ هذه الأسباب التوكُّلُ الصادقُ على الله عز وجل،قال تعالى:﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ﴾. وقال تعالى:﴿وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾.لو توكلنا على الله حق التوكل،ما هي النتيجة المنتظرة؟قال تعالى:﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾.
  • الدرس السادس: من أسباب رفع البلاء و الوباء التوبةُ،وردُّ المظالم،وأداءُ الحقوق، و الإكثار من الاستغفار من الصَّدَقات والأعمال الصالحات،قال تعالى﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾.ومنه قوله تعالى:﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ﴾.ويتذكَّر المسلم أنه ما نَزَلَ بَلَاءٌ إلا بذَنْب،ولا يرُفع إلا بتَوْبَة.
  • من أسباب رفع البلاء والوباء المواظبةعلى الأذكار الشرعية والأدعية المأثورة،وقد ثَبَتَ جُمْلَةٌ منها في التحصين والحِفْظ،ومنها ما كان يقوله نبينا صلى الله عليه وسلم في كل يوم في الصباح والمساء:«بسم الله الذي لا يَضُرُّ مع اسْمِه شيءُ في الأرض ولا في السماء وهو السَّميعُ العليم».(ثلاثًا).و«أعوذُ بكَلِماتِ اللهِ التامّاتِ مِنْ شَرِّ ما خَلَق».(ثلاثا).والمعوِّذتان،وآية الكُرْسيّ.وأدعية الخُرُوج من البَيْت،ونزول المَنْزِل،وصلاة الفجر في الجماعة.وأدعية الكَرْب،والتعوُّذ من البَلاء وسيِّء الأسقام،ويُنصح بالرجوع للرسالتَين النافعتَين المختصرتَين:حِصْن المسلم،والدعاء والعلاج بالرقى؛ للقحطاني رحمه الله تعالى.
  • الدرس الثامن:من أسباب رفع البلاء والوباء الوقاية والتداوي،ومن الوقاية الحديث الصحيح:«فِرَّ من المَجْذومِ كما تَفِرُّ من الأَسَد».[رواه أحمد].وحديث:«لا يُورِدُ مُمْرِضٌ على مُصِحٍّ»[رواه البخاري ومسلم].ومنها حديث:كان في وَفْدِ ثَقِيفٍ رَجُلٌ مَجْذومٌ،فأَرْسَلَ إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم:«إنّا قَدْ بايَعْناكَ فَارْجِعْ».[رواه مسلم] وغير ذلك.وفي الحديث الأخير تَرْكُ المصافحة والمبايَعَة باليد عند خوف العدوى.ولهذا فمن الضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية التي تذكرُها الجهات المختصَّة،ولا سيّما أن أصولَها وَرَدتْ في ديننا.أما العلاج فورد في الحديث الصحيح:«تداوَوْا عباد الله؛فإنَّ الله تعالى لم يَضَعْ داءً إلا وَضَعَ له دَواءً،غير:الهَرَم».[رواه أهل السنن].
  • الدرس التاسع:إذا ابتلي المسلم وأُصيببفيروس كورونا فعليه بالصَّبْر،واحتساب الأَجْر،وأن لا يخالِطَ أحدًا،حتى لا يكون سببا في نقل العدوى لأحد،وأن يتضرَّع إلى الله زيادةً على ما كان عليه من قَبْلُ،وليجعل أسوته أيوب عليه السلام قال تعالى:﴿وأيُّوبَ إذْ نادَى ربَّه أنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وأَنْتَ أَرْحَمُ الرّاحِمينَ*فاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ..﴾.ويتذكر إعجاب النبي صلى الله عليه وسلم لأمر المؤمن:«عَجَبًا لأَمْرِ المؤمن إنَّ أَمْرَهُ كُلَّه خيرٌ،وليس ذلك لأَحَدٍ إلا للمؤمن؛إنْ أصابَتْهُ سَرّاءُ شَكَرَ؛فكان خيرًا له،وإن أصابَتْهُ ضَرّاءُ صَبَر؛فكان خيرًا له».[رواه مسلم].ويتفاءل خيرًا،ويُحْسِن الظنَّ بالله الرحيم الكريم،وليعلم أن غالب الإصابات تُشفى بإذن الله.وليستبشر خيرا لأن المرض عمومًا فيه كفّارةٌ للذنوب.وإذا قدّر الله أنّه لم يُشْفَ ومات بسبب هذا الوباء فنحسبه أنه من الشهداء عند الله كما وردالحديث:«الطاعونُ شهادةٌ لكل مسلم».[رواه البخاري ومسلم].

الدرس العاشر والأخير:لماذا الخوف من الموت بسبب هذا الوباء ونحن نعلم أن نسبة الوَفَاةِ بسببه أقل من 2% على ما يقوله المختصُّون،فلا ننسى أنَّ الموت آتٍ بسبب كورونا أو بغيره بنسبة 100% فماذا قدّمنا للقاء الله؟وماذا اعدّدنا لهذا اليوم؟فهذه بعض الدروس والعبر والوقفات حول هذا الوباء،نسأل الله العافيةَ التامّة العامّة، وأن يَرْفَعَ البَلَاءَ والوباء عن البشرية جمعاء،فاللهُ خيرٌ حافظًا وهو أرحم الراحمين