الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية

صفة إستشارية لدى الأمم المتحدة
إطلاق تجريبي
2023-04-21

 

    التعبير .. بين الحرية والفريضة

 

 

بقلم الأستاذ - إسماعيل دباح

 

الإسلام دين الحرية والمسؤولية، وهذا هو "جوهر" مقاصد أصول الدين وتشريعاته، فكل التصورات  مبنية على حرية الرأي و التعبير، ابتداء بنطق الشهادتين بكل حرية واختيار و مسؤولية، وهي"حقيقة" تنسحب على كل النظم الاجتماعية أو الشعور العام في المجتمع المسلم، فكل ما لامسه "الإكراه" اختلت فيه المسؤولية، سواء كان معنويا كالشهادة و نحو ذلك، أو ماديا كالأخذ ونحو ذلك…

 

   وحرية التعبير المتداولة في مختلف الأوساط والوسائط تدخل في هذا السياق العام الذي يخرج من مشكاة العقيدة والتصور الإسلامي، و ليس مجرد أحكام تشريعية تتردد بين مراتب الحكم التكليفي…

 

فتقديم "النصح"، و"الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"،عند المسلمين، هو كلمة ذات مسؤولية منبعها حرية العقل والنفس والذات، وهي حالة من حالات العبادات المفروضة التي ليس لها صورة محددة، إنما ضابطها تحمّل المسؤولية المنطلقة من العلم والفهم الصحيح وفق أخلاق وقيم المسلم، وفي ضوء التشريع الإسلامي، وهي حقيقة أو توجه واضح في نصوص الكتاب وصحيح السنة،من ذلك:

 

قوله تعالى:

•      ﴿إِنَّ الَّذِين يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنّاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَاسِ فِي الْكِتَابِ ...﴾ [البقرة/ 159].

•      ﴿قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا﴾ [المجادلة/٠١].

•      ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾

•      ﴿وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾ [الإسراء/ 36]. 

 

وقوله صلّى اللهُ عليه وسلّم:

•      (.. ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل..)،

•      ( أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر

فالتعبير والإدلاء بالرأي المسؤول من مقتضيات الإيمان أو من عقيدة المسلم؛ و هي مقاربة متميزة، تجعلنا نؤكد على أهمية "حرية التعبير" بما فيها "حرية الصحافة" التي يحتفل العالم بيومها العالمي في ٠٣ آيار/مايو من كل عام، وهو يوم حددته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو، لتحيي عبره ذكرى اعتماد إعلان ويندهوك التاريخي الذي تم في اجتماع للصحافيين الأفارقة سنة 1991.وهي مناسبة بمثابة تذكير للحكومات بضرورة احترام التزامها بحرية الصحافة و نشر ثقافة المسؤولية و الاحترام و الخصوصية، وكما أنه يوم للتأمل بين الإعلاميين حول قضايا حرية الصحافة وأخلاقيات المهنة. وإنها فرصة لـ :

•      الاحتفال بالمبادئ الأساسية لحرية الصحافة

•      تقييم حالة حرية الصحافة

•      الدفاع عن وسائل الإعلام من الاعتداءات على استقلالها

•      التحية والتقدير للصحفيين الذين فقدوا أرواحهم في أداء واجباتهم.

 

ونحن لما نؤسس لمثل هذه المناسبات في ثقافتنا نتذكر المنبع الأصيل، إذا عرف المواطن العاقل كيف يستثمر ذلك، والذي يعتبر حرية أو فريضة التعبير بعيدة كل البعد عن الممارسات غير اللائقة بهذه "الحقيقة" من جهة أو "المهنة" من جهة أخرى، مثل: 

1.     استغلال ذلك للإضعاف أو الإحراج، أو المغالبة أو التعصب...فتقع العبودية..

 

2.     التحريف او التدليس في الحقائق...فيقع التضليل.

 

3.     تضييع الوقت والجهد في الجدال العقيم او الثرثرة... فتضيع ثقافة الجد و المسؤولية..

 

4.     كتم الحقيقة و الشهادة بحجة الالتزام بالنظام أو الانسجام داخل المنظمة وتوجهاتها...فتسود ثقافة القطيع.

 

هذه بعض المعايير في موضوع فريضة "التعبير" بقول الحق ..وقبول النصح و بتقديم الشهادة، في أي وسيلة او مناسبة، أو ما نسميه اعلاميا بحرية التعبير و حرية الصحافة.