بمناسبة اليوم العالمي للمدن

المدينة المنورة في العهد النبوي.. نموذجا

بقلم - الدكتور عمار منلا

باحث في السيرة النبوية

عندما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينةالمنورة، كانت تسمى يثرب، وكانت يثرب تمتد على مسافةطويلة تصل إلى حوالي 15 كم بين بني سلمة، وهم فيالشمال الغربي، وصولاً إلى بني عمرو بن عوف فيالجنوب.

وكانت تسكن هذه المنطقة بطون الأوس والخزرج، وعدةقبائل من أهل الكتاب، وهم بنو قينقاع ، وبنو قريظة، وبنوالنضير.(كما يظهر في الخريطة المرفقة رقم 1).

وعندما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي المدينةالمنورة بدأ ببناء المدينة المنورة، على أسس العدل والقانون، وأسس أول مسجد في المدينة المنورة وهو مسجد قباء، ثمدخل المدينة المنورة، ونزل في دار أبي أيوب الأنصاري، فأرسى دعائم المؤاخاة بفعله بين الأنصار والمهاجرين، باختياره دار أبي أيوب الأنصاري مكاناً لسكنه.

ثم بدأ بعد ذلك ببناء المسجد النبوي وسط المدينة المنورة، واستغرق بناء المسجد سبعة أشهر، ليصبح المسجد النبويمركز المدينة المنورة، وأساس المجتمع في المدينة المنورة، وليتحول المسجد من دار للعبادة إلى مكان لطلب العلم، ومكاناً للتربية وبناء الإنسان، والعناية بالفقراء الذين أصبحاسمهم أهل الصفة.

كما يظهر في الصورة المرفقة رقم 2.

كما أصبح المسجد النبوي مركز المدينة المنورة، وبدأت بعد ذلك مرحلة بناء المدينة المنورة، وفقحاجات المجتمع، وتطوره، فأسس صلى الله عليهوسلم السوق في منطقة قريبة من المسجد النبوي، (كما يظهر في الخريطة المرفقة رقم2).

ليكون ذلك تطبيقا عملياً لوسطية الإسلام، المسجدفي وسط المدينة المنورة، والسوق بجواره " وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَايُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" الآية (77) سورة القصص .

وقد أسس الرسول صلي الله عليه وسلم السوق فيالمدينة المنورة، ليعلم الأمة مبدأ الاستقلالالاقتصادي، ويبني مفهوماً حقيقياً للاقتصاديعتمد على التجارة والعمل بعيداً عن الضرائب، والربا، والغش، والاحتيال في المكاييل والموازين.
أصبح السوق في المدينة المنورة معلماً مميزاً، ثمنظراً لموقعه الواسع الذي يمتد من المصلى إلىثنية الوداع الشمالية، ولهذه المساحة الواسعةأضحى السوق مكاناً لكثير من المناسبات فيالمدينة المنورة، فصار مكاناً اجتماعياً مميزاً، فأقيمت فيه صلاة العيد، عدة مرات، وهي مناسبةيخرج فيها أهل المدينة المنورة بكافة أعمارهم، وطبقاتهم، وأعراقهم.
كما أقيمت فيها صلاة الاستسقاء، وكذا صلاةالغائب على ملك الحبشة النجاشي عند وفاته وهوالذي استقبل المهاجرين المسلمين، الذي هاجرواإلى الحبشة عدة مرات.
ثم في مرحلة لاحقة أقام النبي صلى الله عليه وسلمميداناً طويلاً  لسباق الخيل، كما ورد في رواية ابنعمر رضي الله عنهما في البخاري، ويظهر ذلكواضحاً في الخريطة المرفقة.

أما عنايته صلى الله عليه وسلم ببناء المدينةالمنورة من النواحي البيئية فقد أخذت جوانبكثيرة، من أبرزها:
العناية بالمياه، ومصادرها، ووضع القوانين لها، وهي كثيرة متعددة، مثل: الآبار السبعة النبوية، وأحكام طهارة المياه، وآداب استخدام الطرق، والسقي، وغير ذلك.

كما اعتنى صلى الله عليه وسلم بالحيوانات، فحرمالصيد، ولذا تعرف المنطقة الواسعة في المدينةالمنورة بحرم الصيد، وهذا أمر مشهور عند أهلالعلم.
أما عنايته بالشجر، فهو أمر واسع، له عدة أشكال، من أهمها، الأمر بزراعة الشجر، والنهي عن قطعالشجر بأي شكل من الأشكال بمساحة واسعةتعرف بالمدينة المنورة بحمى الشجر، وتمتد علىمساحة واسعة تغطي مساحة المدينة المنورةبكاملها.
والحديث يحتمل التوسع، ولكن هذه عناوينيحتاج كل واحد منها إلى تفصيل، والله وليالتوفيق.