الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية

صفة إستشارية لدى الأمم المتحدة
إطلاق تجريبي
2018-12-18

 

رئيس الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية.. الشيخ مهاجري زيان حصريا لـ”الحوار”:

دور أغلب المراكز الإسلامية ضعيف وتعاني من مشاكل كثيرة

أسسنا هذه الهيئة لتساهم في معالجة هذا الواقع غير المرضي

هكذا وجب تحصين الشباب المسلم من التطرف والإرهاب 

إصلاح المراكز الإسلامية سيلعب دورا مهما في التخفيف من الإسلاموفوبيا

على الأئمة والخطباء أن يكونوا قدوة رواد المراكز الإسلامية

ننظم قوافل دعوية تنشر الإسلام وفق الوسطية والاعتدال

الجزائر مطالبة بالتسويق الأمثل لتجربة المصالحة الوطنية الرائدة

أكد رئيس الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية، الشيخ مهاجري زيان، أن هيئته تعنى بتطوير المراكز الإسلامية في أوروبا عن طريق تحقيق عديد الأهداف في مقدمتها بلورة إدارة هذه المراكز  ليكون لها دور في المجتمع الأوروبي وتطوير أداء الإمام بما يخدم الجالية المسلمة والمسلمين في أوروبا، على اعتبار أن دور أغلبها اليوم ضعيف ويعاني من مشاكل كثيرة، مشددا في لقاء حصري مع “الحوار” أن تأسيس هذه الهيئة جاء ليساهم في معالجة هذا الواقع غير المرضي عن طريق برنامج متكامل ومستمر.

في السياق اعتبر سفيان مهاجري أن الأئمة والخطباء وجب أن يكونوا قدوة رواد المراكز الإسلامية، موضحا أن إصلاحها سيلعب دورا مهما في التخفيف من إرهاسات الإسلاموفوبيا، وتحصين الشباب المسلم في أوروبا من التطرف والإرهاب، بعد أن أشاد بتجربة الجزائر في المصالحة الوطنية التي قال إنه وجب التسويق لها جيدا ليستفيد منها العالم.

* هلا عرفتنا على الهيئة الأوربية للمراكز الإسلامية، وعن الدور الذي تقوم به في الدول الأوربية؟

الهيئة الأوربية للمراكز الإسلامية هي هيئة تأسست في شهر ديسمبر 2015، وكانت بمبادرة من بعض المهتمين بشأن الجالية المسلمة في أوروبا ، بعد تفكير ودراسة لواقعها، ارتأينا أنه من المناسب أن تتأسس هيئة تعنى بتطوير المراكز الإسلامية في أوروبا، فهي هيئة خدماتية تقدم خدمات لهذه المراكز، إذا نحن نستهدف هذه المراكز لتطوير إدارتها وكذا تطوير أداء الإمام الذي يلعب دورا مهما فيها، ولذلك أهدافنا لخصناها في أربعة أهداف كبرى أولها تطوير المركز الإسلامية ليكون لها دور في المجتمع الأوروبي وكذلك خدمة الجالية المسلمة التي ترتاد هذه المراكز لتؤدي عباداتها، وهناك مدارس في هذه المراكز تعلم أبناء الجالية اللغة العربية وتحفيظ القرآن، فللمركز الإسلامي عند الجالية مكانة مرموقة ومحترمة، وفي نفس الوقت السلطات في البلدان الأوربية تنظر كثيرا وتهتم  بالمركز الإسلامي وإلى ما ينتج منه من رسائل، وبالتالي الاهتمام به أمر جد مهم.

* ماذا عن الأهداف الأخرى؟

نسعى كذلك إلى الاهتمام بالإمام والخطيب الذي يلعب دورا كبيرا، كونه قدوة رواد المراكز الإسلامية، وبالتالي نحاول الارتقاء بخطابه وجعله يساهم في إدماج الجالية المسلمة في المجتمعات الأوربية، حيث سجلنا نوعا من الانطواء وانكماش الجالية المسلمة على نفسها ولا تشارك بالشكل الكافي في الحياة الاجتماعية والسياسية وغيرها في المجتمعات الأوربية، نحن نحتاج إلى هذه النوعية من الأئمة الذين يساهمون في إدماج الجالية المسلمة في المجتمعات التى تعيش فيها ليكون دورها فعالا، ضف إلى هدف جوهري آخر نعمل عليه في هيئتنا، ألا وهو عرض الإسلام بطريقة حضارية تناسب البيئة التي نعيش فيها، نحن في أروبا، على اعتبار أن هناك أساليب صالحة في الدول العربية ولكن غير صالحة في الدول الأوربية، مثلا مسألة المعارض،  المتاحف ..الخ هذه وسائلنا في التعريف بالإسلام وإبراز الجوانب الحضارية فيه، إبراز التسامح،  الرحمة، الإنسانية، والأمور المشتركة بين الإنسانية، كما أضيف على قولي أن من بين أهدافنا كذلك تحصين الشباب المسلم من التطرف والإرهاب.

* بعد إنشاء الهيئة والانطلاق في ممارسة نشاطها، كيف وجدتكم الدور الذي تقوم به المراكز الإسلامية في أروبا، هل لها تأثير وعمل فعال في الجالية المسلمة أم لا يزال عملها باهتا؟

عندما نتحدث عن وصف واقع المراكز الإسلامية في الغالب دورها ضعيف وتعاني من مشاكل كثيرة، حينما تذهب إلى المركز الإسلامية في أروبا وتسألها إن كان لها برنامج سنوي واضح، هل لهم رؤية يريدون تحقيقها في السنة الحالية والسنوات المقبلة، أقول في الغالب ولا أعمم فإنك لا تجد الجواب، توجد مراكز إسلامية لا تزال تتخبط من الناحية المالية، بعض الأئمة غير مفرغين ليس لديهم رواتب، يعانون من الإيجار، أحيانا مشاكل بين الإدارة والإمام، كلها أثرت سلبا على أداء المراكز الإسلامية، فلذلك وجدت هذه الهيئة لتساهم في معالجة هذا الواقع غير المرضي.

* هل سجلتم تدخلا لحل بعض هذه المشاكل؟

الهيئة لها رؤية واضحة، استهدفنا مجموعة من المراكز الإسلامية، كل مركز إسلامي نضع له خطة إستراتيجية لمدة خمس سنوات، وخطة تشغيلية لمدة سنة واحدة، يعني على الأقل هذا المركز الإسلامي يصبح على بينة من أمره، يعرف واقعه وما يريد أن يكون بعد هذه الفترة، وكذلك لنا برامج في إعطاء إجازات أو شهادة محاضر في بعض المواد التي رأينا أهميتها كالسيرة النبوية والإعجاز العلمي في القرآن والسنة، وتدريب  بعض الأئمة والدعاة على تحصين الشباب المسلم من التطرف والإرهاب.

* ماذا عن دور الهيئة بالنسبة لأوربا الرسمية والجالية المسلمة ؟

بالنسبة للجالية، نحن لا نعمل مع الجالية ولكن نستهدف المراكز الإسلامية، أما بالنسبة للسلطات فالحمد الله لنا علاقات جد طيبة مع السلطات الأوربية، حيث اشتغلنا كثيرا منذ التأسيس في ملف مكافحة التطرف، الآن سجلنا نوعا من الثقة وحاجة هذه السلطات إلى الهيئة بحيث نأتي بخبرات يقدمون دراسات في كيفية معالجة الظاهرة..

* لو قدمت لنا عرضا حول نسب تنفيذ برامج الهيئة الأوربية للمراكز الإسلامية؟

نفذنا الكثير من البرامج، مثلا في هولندا استهدفنا 50 إماما ومدراء مراكز إسلامية وتحدثنا عن مهارات التعامل مع أصحاب الأفكار المتطرفة، وكانت دورة ناجحة، دورة أخرى في فرنسا وسويسرا في نفس الموضوع، موضوع آخر في السيرة النبوية بدأنا دورات لكن البرنامج لم يكتمل ثم بعض المؤتمرات والملتقيات، واستقدام الأئمة في رمضان، مرة أتينا بـ24 إماما وزعناهم على المراكز الإسلامية في أوروبا، وأخرى 50 إماما، نعتبره رقما كبيرا بالنسبة لهيئة فتية بإمكانيات متواضعة جدا، كما نظمنا قوافل دعوية بحيث نأتي بأئمة ينشرون الإسلام وفق الوسطية والاعتدال، كما نقوم بإفطار الصائم في رمضان، أما عن أهدافنا المستقبلية فإننا نعمل على الاهتمام بالجانب الإعلامي الذي أصبح مهما جدا، وتدريب الأئمة على طرق وكيفية التعامل مع الإعلاميين بحيث يمكن للإمام أن يدلي بتصريح ولا يستطيع إيصال الرسالة كما يريدها وبالتالي يضر الإسلام والمسلمين من حيث لا يشعر، وكذا الاستغلال الجيد لوسائط التواصل الاجتماعي لترويج صورة إيجابية على المسلمين في أروبا.

* التطرف والارهاب أصبح اليوم فوبيا في أوروبا، كيف تعملون كهيئة لحماية الجالية المسلمة من هكذا ظاهرة؟

حماية الشباب ننظر إليها بأمرين، نحن نعطي الوسائل للمراكز الإسلامية، لأن الشباب يأتون إلى هذه المراكز لأداء الصلوات الخمسة، صلاة الجمعة، وتدريس أبناء الجالية، حيث ندرب مؤطري المراكز الإسلامية، في حال ما إذا لاحظوا شابا بدأت تظهر فيه ملامح التطرف، التوجه مباشرة إلى طرق المعالجة والعمل على استقطابه ومعالجته وإخراجه من دائرة التطرف، ثم أن برامج المراكز الإسلامية كلها تربي على الإسلام السمح، الوسطي والمعتدل حتى أن الأجهزة الأمنية في أوروبا استفادت من برامجنا بحث بيننا لهم أن الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي شيء ومظاهر التطرف شيء آخر.

* حدثتني قبل قليل عن علاقتكم بالسلطات الرسمية الأوربية، ماذا عن علاقتكم بالهيئات في الدول العربية من حيث التنسيق والتشاور؟

أكيد، ننسق مع الهيئات الأوربية، الاتحادات، الروابط التي تعنى بالجالية المسلمة في أوروبا، لأنه في الحقيقة شغلنا الرئيسي معها، وكذلك حتى المؤسسات الأوربية التي لا تعنى بالمسلمين نشتغل معها في إطار حوار الأديان، وأحيانا مع السلطات التي قدمت برامج خاصة بالمسلمين، كالأسابيع التي تعنى بمحاربة العنصرية، أسبوع الديانات، وبالتالي لنا علاقات وتنسيق مع المؤسسات الأوربية –الأوربية، دون إغفال علاقتنا مع المؤسسات العربية التي تخدم أهدافنا، حتى أننا وقعنا بروتوكولات تعاون مع بعض المؤسسات.

* التجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب، تعتبر اليوم في كثير من دول العالم تجربة رائدة وجب الاقتداء بها، كيف تنظرون كهيئة إلى هذه النقطة بالذات، وكيف يمكنكم أن تستثمروا تجربة المصالحة الوطنية في تحقيق أهدافكم؟

لا شك أن الجزائر لها تجربة كبيرة ورائدة في موضوع التطرف، كون الجزائر اكتوت بنار الإرهاب قبل أن تعرفه العديد من الدول، ثم أن المدة كانت طويلة، والحمد الله، الله حماها، لكن الذي لاحظته  تنقص عملية التسويق لهذه التجربة الرائدة، فمثلا منذ تأسيسنا نشتغل هنا مع مؤسسات مختصة في مكافحة الإرهاب، لكن عندما نريد الاستفادة من تجربة الجزائر لا نعرف إلى أين نتوجه، نسأل عن أسماء الأشخاص المكلفين بهذه التجربة بغرض دعوتهم إلى مؤتمراتنا لا نجد، وبالتالي من منبركم هذا أوجه نداء مفاده إبراز الهيئات المختصة أو الأشخاص المختصين للترويج لهذه التجربة ليستفيد منهم العالم.

اليوم نشهد انتشارا رهيبا للإسلاموموفيا في أوروبا والبروز الممنهج أو غير الممنهج للتخويف من الإسلام والمسلمين، أنتم كهيئة تعنى بالمراكز الإسلامية كيف يمكنكم أن تبددوا هذه النظرة السيئة للإسلام للشعوب الأوروبية؟

هذه الظاهرة في الحقيقة صنعت في مخابر لصد الناس عن الإسلام وتشويه صورة الإسلام، لا ننفي وقوع بعض الأخطاء من المسلمين لكن تم ترويجها بشكل عنيف، فالذي ينظر بنظرة الدارس، يجد أن مظاهر أخرى تكبر بكثير من بعض هذه الأخطاء ولم يتم الترويج لها ولا حتى نشرها، فالهدف هو تخويف الناس من الإسلام بعد أن لاحظوا الإقبال الكبير على الإسلام في أروبا، فاليمين المتطرف في أوروبا بدأ يتنامى وبدأ يكسب له رأيا عاما من خلال ما تروج له وسائل إعلام.

* كيف أثرت الإسلاموفوبيا على الجالية المسلمة في أوروبا؟

التأثير يكون معنويا بشكل كبير، ضف إلى تمكنهم من تمرير وسن قوانين تضيق على الإسلام والمسلمين، فعلى سبيل المثال منع الحجاب في فرنسا، وفيه مشاريع أخرى تحظر ضد الإسلام، وبالتالي فنحن كهيئة نعتقد أننا لو تمكنا من إصلاح المراكز الإسلامية سيكون لها دور كبير في التخفيف من الإسلاموفوبيا.

تشاركون اليوم في المؤتمر الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي، تحت عنوان مخاطر التصنيف والإقصاء، دعا إلى وجوب وحدة المسلمين ؟

المؤتمر يتحدث عن الوحدة الإسلامية الذي هو مطلب شرعي، وطرح هذا الموضوع في هذا الوقت مناسب جدا أمام انقسام المسلمين وعدم التعاون، فالمستفيد من هذه الخلافات والنزاعات ليس المسلمين، ولكن المستفيد هم الذين لا يحبون الخير للإسلام والمسلمين، و بالتالي وجب الرجوع إلى ديننا وإحداث التقارب فيما بيننا.

حاوره في مكة: نورالدين علواش