الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية

صفة إستشارية لدى الأمم المتحدة
إطلاق تجريبي
2019-03-23

أكد رئيس الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية، مهاجري زيان ان ما حصل في مسجد نيوزيلاندا أبشع جريمة كراهية دينية

مضيفاً أن ما حصل مؤلم.. بشع ويدمي قلب كل من يحمل مشاعر إنسانية كما أن هذا العمل الإرهابي الوحشي له أسباب منها نتاج تغذية مركزة لخطاب الكراهية

و في تصريح لجريدة “الحوار” قال مهاجري زيان: “سقطت ورقة التوت بأكذوبة إلصاق الإرهاب بالإسلام والمسلمين”

واردف “نخشى أن هذه الحادثة البشعة ستفتح مرحلة “دواعش الغرب ..نجتهد للارتقاء بدور المراكز الإسلامية للقيام بدور بناء وإيجابي في المجتمعات الأوروبية”

* كيف تلقيتم خبر المجزرة الدموية التي راح ضحيتها قرابة 50 مسلما بمسجد نيوزيلاندا؟

تلقينا أنباء الهجوم التسونامي الإرهابي الذي استهدف آمنين في يوم سلام يوم الجمعة، وفي مكان عبادة، وفي شهر رجب وهو من الأشهر الحرم، والذي راح ضحيته قرابة 50 شهيدا منهم رجال ونساء وأطفال، تلقينا هذه كالصاعقة ببالغ الألم وعميق الحزن، كانت صدمة للجميع. ما حصل مؤلم، وبشع، ويدمي قلب كل من يحمل مشاعر إنسانية.

أبشع جريمة كراهية دينية

* هل أمن الارهابيون في الغرب من العقاب حتى تتسع دارة جرائمهم الى هذا الحد الخطير، ام ان الاسلاموفوبيا تمت تغذيتها وزرعها في المجتمعات الغربية بشكل مدروس من جهات معينة وبصور اخرى، هل يمكننا توجيه اصابع الاتهام لجهة معينة ام ان العمليات الارهابية فردية كما يتم الترويج لها؟

لا شك أن هذا العمل الإرهابي الوحشي له أسباب، فهو نتاج تغذية مركزة، نتيجة لخطاب الكراهية والعداء العنصري الذي تلقاه من بعض وسائل الإعلام ومن اليمين المتطرف الذي غذى به أتباعه ضد المسلمين تحت لافتة الإسلاموفوبيا.

خطاب الكراهية الذي يجني أصحابها أصواتا في الانتخابات.. بالتراكم ينتج لنا عنفا وإرهابا.. وللإعلام دور في تأليب الرأي العام ضد المسلمين وشيطنة الإسلام وتجريم المسلمين.

والحمد لله سقط القناع وتبين جليا أن تلك المجزرة “الإرهابية الشنيعة”، التي حرص مُنفذها على تصويرها وبثِّها على الهواء للعالم كله بكل وقاحة، لا تختلف كثيرًا عن مشاهد قطع الرقاب المُروِّعة التي ارتكبتها عصاباتُ داعش الإجراميَّة وصورتها وبثتها للعالم!!، فهما فرعان لشجرةٍ واحدة، سقيت بماء خطاب  الكراهية والعنف والتطرُّف، ونزَعت من قلوب أصحابها مشاعرَ الرحمة والتسامح والإنسانيَّة، بخلفية حساباتٌ سياسيَّةٌ وعنصريَّةٌ ضيِّقة.

وهكذا سقطت ورقة التوت بأكذوبة إلصاق الإرهاب بالإسلام والمسلمين، فالمأساة الأخيرة بكل ما خلَّفته من آلامٍ شديدة القسوة، لم يكن من ورائها عقلٌ منتمي للإسلام ولا للمسلمين، وإنَّما وراءها عقل ناقم وهمجي متوحش، لا نعرف ما هي دوافعه وعقيدته المنحرفة، وحان الوقت للخروج من دائرة “اللاعقاب” بعد سقوط القناع والأوهام عن ما يسمى الإسلاموفوبيا.

وإننا نتساءل: لماذا يدفع المسلمون وحدَهم فاتورة ثمنَ ما يُسمَّى بـ”التطرف اليميني” وما يُسمونه بالتطرف الإسلامي؟ أما آنَ الأوان أن يكفَّ الناس شرقًا وغربًا عن ترديد أكذوبة: “الإرهاب الإسلامي”؟

وبالمناسبة، نحيي رئيسة وزراء نيوزلندا التي اتخذت قرارا بمنع / سحب السلاح الحربي(الاوتماتيكي والنصف الأوتوماتيكي)  رغم ما يكلف هذا القرار من ميزانية الدولة، ونرجو أن تقتدي بها الحكومات الأوروبية والأمريكية.

* تفاعل المسلمين في الغرب مع عمليات ارهابية من هذا النوع لا يرقى الى المستوى المطلوب، فهي تقتصر غالبا على تنظيم وقفات احتجاجية، وإصدار بيانات تنديدية.. هل يرجع هذا الى ضعف تمثيلهم في الهيئات المنتخبة ام تخوفهم من العنصرية؟

الحقيقة أن المسلمين في أوروبا أقلية، حتى بيانات المؤسسات الإسلامية لا ينشرها الإعلام، وتغطية الإعلام لهذه المجزرة الوحشية محتشمة ذكرت في سطور قليلة، وكأن الأمر ليس بجلل، لو كان الأمر له علاقة بالمسلمين سلبا  لذكر في الصفحة الأولى وكل الجرائد تتكلم أشهرا ولا تتوقف من التهويل..

غير أن شعب وحكومة نيوزلندا كان لهما موقف إيجابي، بل قوي في هذا الحدث الأخير من حيث التكافل والتضامن والاهتمام وتقاسم الانشغال، بل ذهب الأمر إلى الإجراءات القانونية أي التشريعية.

* ما هو دور الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية في نشر قيم الاسلام وإبعاد الصورة النمطية المؤخوذة عنه في المجتمعات الغربية وحماية الجالية المسلمة، خاصة بعد تصاعد موجات الرفض والعنصرية؟

نحن في الهيئة نجتهد للارتقاء بدور المراكز الإسلامية للقيام بدور بناء وإيجابي في المجتمعات الأوروبية، وتقديم الإسلام بصورته الحضارية الجميلة، بل حتى مع المؤسسات الأوروبية الرسمية.

ونقوم بترشيد الأئمة والخطباء والمساهمة في تطوير أدائهم والارتقاء بمستواهم للقيام على وجه أحسن بدور إيجابي في المجتمعات الأوروبية ومساعدة الجالية المسلمة للمشاركة الإيجابية في التنمية المجتمعية، وحسن التعايش مع مختلف مكونات المجتمع الأوروبي.

بالرجوع إلى أهداف الهيئة، يتبين للجميع دورها في التواصل مع الأخر وتصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، وليس هذا في الجانب النظري فقط، بل من خلال ما نقدمه من وجهات نظر واستشارات مع مختلف الجهات والهيئات الرسمية، والمقابلات والزيارات. ونساهم مع المجتمع المدني والسلطات في مكافحة التطرف بمختلف أشكاله، وتحصين الأمن الفكري للشباب المسلم في أوروبا.

* أشارت تقارير غربية الى ان تيار الإسلاموفوبيا والكراهية اليمينية البيضاء للإسلام انتشر بأمريكا والصين وأوروبا، إلى حد أن المذبحة التي وقعت في نيوزيلندا كان بالإمكان أن تحدث في أي مكان بالعالم تقريبا.. ما هو تعليقكم على ذلك، وما هي الآليات التي وضعتها الهيئة لمواجهة هذه الظاهره الخطيرة جدا، والتي يتعامل معها الغرب ببرودة تامة؟

ظاهرة الاسلاموفوبيا، وحقد اليمين المتطرف في تنامي، ونخشى  أن هذه الحادثة البشعة ستفتح مرحلة “دواعش الغرب”، وأنه إن لم يتحذ عقلاء العالم وقادته حلا للحد من خطورة هذا الخطاب المليء بالكراهية والعنصرية ضد المسلمين، سنشهد حروبا صليبية مقبلة بشكل أو آخر..!!

ومثل هذه الحادثة والخطاب العنصري، سيعيد موجة جديدة من الدواعش في البلدان العربية والإسلامية، من الذين تم تحجيم دورهم ومحاصرة فكرهم لحدّ بعيد، وتم القضاء على معظم خلاياهم في البلدان العربية، فهم كانوا في الرمق الأخير، ويمكن لمثل هذه الحادثة أن تبعث فيهم الروح من جديد.

وأما الآليات فهي مواصلة النضال حتى نصل إلى تحقيق الهدف، وأريد أن أذكر أن عددا معتبرا من غير المسلمين ممن تألموا مثلنا وقد زارنا في جنيف نيوزلندي غير مسلم ودخل المسجد الكبير في جنيف ليعبر لنا عن مشاعره نحو المسلمين وهو يبكي بكاء مريرا..

ندعو العالم  لمحاربة الكراهية والتعصب ونؤكد أن المحبة والتعايش بين البشر هما طوق النجاة للإنسانية من هذا الخطر الداهم.. فكما عندنا دواعش فلديهم دواعشهم، ولنسعى معا للتخلص من الدواعش من أي ملة كانوا، ونحذر وننبه من خطورة الإساءة أو القطعية مع أبناء الديانة النصرانية في أوروبا: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ)،( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ).

* ألا يجب أن يطالب المسلمون الدول الغربية بسن قوانين رادعة حول جرائم الإسلاموفوبيا؟

على العالم -وقادة الغرب تحديدا- القيام بما هو أكبر من التنديد. عليهم تجريم خطاب اليمين المتطرف، وجعله في مرتبة الدعوة للنازية ومعاداة السامية وغيرهما من خطابات التحريض المجّرمة قانونيا.

نطالب بنفس ما قام به العالم حيال فكر الدواعش لدينا، وكيف تعاونت الدول مع بعضها لتحجيم ذلك الفكر المتطرف، ومحاصرة أتباعه،(وما بين قوسينظني أن أدبيات فكر الدواعش ستروج من جديد، وتطفح على السطح بعد الجريمة)؛ فعلى الغرب أن يجرّم فكر اليمين المتطرف، ويبدأ بمحاصرة خطاب الكراهية من أي دين، لا دين الإسلام فقط.‏

الغرب قام بتجريم معاداة السامية، وكذلك تجريم الدعوة للنازية او التعاطف معها، ولا حل لإيقاف حالة الصدام المتوقعة إلا بتجريم خطاب العنصرية والكراهية بشكل جاد وعادل، وعلى كل الدول بلا تمييز، إيقاف منابر ذلك اليمين المتطرف الذي يغذي جيل الدواعش الجدد من المسيحيين.

من جهة أخرى، على الحكومات تحمل المسؤولية في حماية المسلمين باعتبارهم مواطنين فعالين في المجتمع.. وحصار المشكل حتى لا ينتشر ويتوسع، كبعث برسائل قوية وعملية لطمئنة المسلمين، والقيام بإجراءات قانونية وتشريعات جديدة.. اقتداء برئيسة وزراء نيوزلندا التي اتخذت قرارا بمنع وسحب السلاح الحربي من كل المواطنين والمقيمين في نيوزلندا، رغم ما يكلف هذا القرار من ميزانية الدولة.

القضية بالنسبة لحكومات الغرب هي أن يحاربوا هذا “الإرهاب”  بمثل ما حاربنا دواعشنا، ويحاصروا منابره، ويفككوا محاضنه، وإلا فخطاب التطرف العام سيسود، وتعود الحروب الصليبية من جديد.. ولن يكسب أحدا.

وتدعو الهيئة المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤوليته فى مواجهة خطاب العنف والكراهية الذي يستهدف ويدعو لسفك دماء الأبرياء بناءً على انتماءاتهم الدينية أو السياسية أو العرقية أو الفكرية.

حاوره: نورالدين علواش